اضطراب التحدي الاعتراضي هو إحدى المشكلات السلوكية التي قد تواجه العديد من الأطفال والمراهقين.
حيث أن هذا الاضطراب من الاضطرابات التي تتسم بنمط مستمر من السلوك المعارض، العدائي، والمتمرد تجاه الشخصيات الرسمية، مما يتجاوز السلوكيات الطبيعية التي يمكن أن يظهرها الأطفال في مراحل تطورهم.
وعلى الرغم من أن هذه السلوكيات المعارضة قد تكون جزءًا من التطور العادي للطفل، إلا أن تكرارها وشدتها قد تشير إلى وجود اضطراب التحدي المعارض.
في هذا المقال، يقدم الدكتور معن العبكي أخصائي الطب النفسي ومعالجة الإدمان أهم المعلومات حول اضطراب التحدي الاعتراضي، بالإضافة إلى ذكر أبرز الأعراض التي قد يظهرها الأطفال المصابون به، والعلاجات والإجراءات التي يمكن اتخاذها للتعامل معه.
اضطراب التحدي الاعتراضي
وهو عبارة عن حالة سلوكية يظهر فيها الطفل نمطًا مستمرًا من السلوك غير المتعاون والمتحدي وأحيانًا العدائي تجاه الأشخاص ذوي السلطة، وغالبًا ما يعطل هذا السلوك الأداء اليومي الطبيعي للطفل، بما في ذلك العلاقات والأنشطة داخل الأسرة والمدرسة.
من الشائع أن يكون الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 – 3 سنوات وفي أوائل سن المراهقة معارضين أو متحديين من حين لآخر، وقد يعبرون عن تحديهم من خلال الجدال أو العصيان أو الرد على البالغين، بما في ذلك آبائهم أو معلميهم.
ولكن عندما يستمر هذا السلوك لفترة أطول من ستة أشهر ويتجاوز ما هو معتاد بالنسبة لعمر الطفل، فقد يشير ذلك إلى أنه يعاني من اضطراب التحدي المعارض.
ويجدر بالذكر أن غالبية الأطفال والمراهقين الذين يعانون من اضطراب التحدي الاعتراضي يعانون من حالة صحية عقلية أخرى، مثل:
- نقص الانتباه مع فرط النشاط.
- اضطرابات القلق.
- الوسواس القهري.
- الاكتئاب.
- الاضطراب الانفجاري المتقطع.
على من يؤثر اضطراب التحدي الاعتراضي؟
يؤثر اضطراب التحدي الاعتراضي بشكل شائع على الأطفال والمراهقين بنسبة 2 – 10%، حيث أنه يبدأ في الغالب بعمر 8 سنوات، ويجدر بالذكر أنه قد يؤثر على البالغين أيضًا.
الأنواع
يمكن أن يكون اضطراب التحدي الاعتراضي:
- خفيف: تظهر الأعراض في مكان واحد فقط، كالمنزل أو المدرسة أو العمل.
- متوسط: تظهر بعض الأعراض في مكانين على الأقل.
- شديد: تظهر بعض الأعراض في ثلاثة أماكن أو أكثر.
أعراض اضطراب التحدي الاعتراضي
تبدأ الأعراض في الظهور بعمر 8 سنوات وعادةً ما تظل مستقرة بين سن 5 – 10 سنوات، بالإضافة إلى أنه غالبًا ما تكون الأعراض واضحة في أماكن متعددة ولكنها تكون أكثر وضوحًا في المنزل أو المدرسة.
يمكن تقسيم علامات وأعراض اضطراب التحدي الاعتراضي إلى ثلاث فئات، هم:
الغضب والتهيج
تعد علامات الغضب والتهيج أحد الأعراض الرئيسية للاضطراب، فقد تجد الطفل يقوم بما يلي:
- يفقدون أعصابهم بسهولة.
- نوبات متكررة من الغضب والاستياء.
- الحساسية والانزعاج بسهولة من الآخرين.
- الغضب وعدم الاحترام بشكل متكرر.
التحدي والسلوك الجدلي
يقوم الطفل بـ:
- الجدال بشكل مفرط مع البالغين.
- رفض الامتثال للطلبات والقواعد.
- لوم الآخرين على أخطائهم.
- محاولة إزعاج الآخرين عمدًا.
الانتقام
تشمل علامات الانتقام للمصابين باضطراب التحدي الاعتراضي ما يلي:
- الحقد والسعي للانتقام.
- قول أشياء سيئة ومكروهة عند الغضب أو الانزعاج.
اقرأ أيضًا: ما هو علاج التفكير الزائد؟
أسباب اضطراب التحدي الاعتراضي
الأسباب المحتملة لاضطراب التحدي الاعتراضي تشمل ما يلي:
العوامل الوراثية
تشير الأبحاث إلى أن الجينات مسؤولة عن حوالي 50% من تطور اضطراب التحدي الاعتراضي، حيث أن العديد من الأطفال والمراهقين المصابين بهذا الاضطراب لديهم أفراد من الأسرة المقربين يعانون من حالات صحة عقلية أخرى، مثل: الاكتئاب أو اضطرابات القلق.
وهذا يشير إلى وجود صلة وعامل وراثي بين هذه الحالات.
العوامل البيولوجية
تشير بعض الدراسات إلى أن التغييرات في مناطق معينة من الدماغ قد تؤدي إلى اضطرابات سلوكية حيث أنه تحدث مشاكل في الناقلات العصبية التي تساعد الخلايا العصبية في الدماغ على التواصل مع بعضها البعض.
إذا كانت هذه المواد الكيميائية غير متوازنة أو لا تعمل بشكل صحيح فهذا قد يؤدي لظهور أعراض الاضطراب.
العوامل البيئية
عندما ينمو الطفل في جو أسري فوضوي، أو يتعرض لسوء المعاملة، والتربية غير المسؤولة فهذا قد يساهم في زيادة خطر الإصابة باضطراب التحدي الاعتراضي.
طرق تشخيص اضطراب التحدي الاعتراضي
يقوم الطبيب بتشخيص الطفل باضطراب التحدي الاعتراضي حسب معايير الأعراض كما هو موضح في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5).
حيث أنه يتم تشخيص الطفل عند ظهور الأعراض لمدة ستة أشهر على الأقل، بالإضافة إلى معايير أخرى تشمل:
- الحالة الصحية العامة.
- عدد مرات حدوث السلوكيات ومدى شدتها.
- طبيعة المشاعر والسلوكيات في البيئات والعلاقات المختلفة.
- المواقف العائلية والمعاملات.
- الاستراتيجيات التي كانت مفيدة أو غير مفيدة في إدارة سلوكيات الطفل.
- أي مشكلات أخرى محتملة متعلقة بالصحة العقلية أو التعلم أو التواصل.
علاج اضطراب التحدي الاعتراضي
يختلف علاج اضطراب التحدي الاعتراضي بناءً على العديد من العوامل، بما في ذلك:
- عمر الطفل.
- شدة الأعراض.
- قدرة الطفل على المشاركة في علاجات معينة وتحملها.
- إذا كان الطفل يعاني من حالات أخرى، مثل: اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، أو اختلافات التعلم، أو الوسواس القهري.
ولكن بشكل عام يجب أن يشمل العلاج ما يلي:
تدريب الوالدين
يعد تدريب الوالدين العلاج الرئيسي للتحكم في السلوكيات المعارضة للطفل، حيث أنه يتم تعليم الآباء طرق تغيير سلوك أطفالهم في المنزل باستخدام التعزيز الإيجابي لتقليل السلوكيات غير المرغوب فيها وتعزيز السلوكيات الصحية.
توجد أنواع مختلفة من البرامج التدريبية والتي عادةً ما تتضمن جلسات متعددة على مدار عدة أسابيع، حيث أنه خلال الجلسات يتعلم الآباء كيفية تحديد السلوكيات التي تسبب المشكلات بالإضافة إلى التفاعلات الإيجابية وتطبيق التعزيز والعقاب حسب الوضع.
العلاج النفسي
العلاج النفسي أو العلاج بالكلام عبارة عن مجموعة متنوعة من تقنيات العلاج التي تهدف إلى مساعدة الطفل على تحديد وتغيير المشاعر والأفكار والسلوكيات المزعجة.
وتشمل الأنواع الشائعة من العلاج النفسي ما يلي:
العلاج السلوكي المعرفي
عبارة عن علاج منظم وموجه حيث أن الطبيب النفسي يساعد الطفل على إلقاء نظرة فاحصة على أفكاره وعواطفه، وسوف يفهم الطفل كيف تؤثر أفكاره على أفعاله.
من خلال العلاج السلوكي يمكن للطفل التخلص من الأفكار والسلوكيات السلبية وتعلم كيفية تبني أنماط وعادات تفكير صحية أكثر.
اقرأ أيضًا: العلاج النفسي
العلاج الذي يركز على الأسرة
هذا العلاج مخصص للأطفال الذين يعانون من اضطراب التحدي الاعتراضي حيث أنه خلال العلاج يجتمع الطفل والعائلة معًا في جلسات عائلية للتثقيف النفسي فيما يتعلق باضطراب التحدي المعارض، بالإضافة إلى تحسين التواصل ومهارات حل المشكلات.
التدخلات الداعمة للمدرسة
تعد التدخلات الداعمة لتحسين الأداء المدرسي والعلاقات مع الأطفال الآخرين حل فعال لهذا الاضطراب، حيث أنه قد تشمل هذه التدخلات ما يلي:
- التعليم والأدوات اللازمة لمعلم الطفل لتحسين السلوك الفصلي.
- تقنيات لمنع السلوك المعارض أو تفاقم هذا السلوك.
- طرق أخرى تساعد الطفل على اتباع قواعد الفصل الدراسي.
الأدوية
بشكل عام لا تستخدم الأدوية وحدها لعلاج اضطراب التحدي الاعتراضي إلا إذا كانت لدى الطفل مشكلة أخرى متعلقة بالصحة العقلية والنفسية، فقد تساعد هذه الأدوية على تحسين الأعراض.
كيف أعتني بطفلي المصاب باضطراب التحدي الاعتراضي؟
إذا كان طفلك يعاني من اضطراب التحدي الاعتراضي، يمكنك مساعدته ومساعدة نفسك بالطرق التالية:
- اعتمد على الإيجابيات وامنح طفلك الثناء والتعزيز الإيجابي عندما يظهر المرونة أو التعاون.
- كن قدوة حسنة للسلوك الذي تريد أن يكتسبه طفلك، فمشاهدة طفلك لك وأنت تتفاعل جيدًا مع الآخرين يساعده على تحسين مهاراته السلوكية.
- خذ وقتًا مستقطعًا أو استراحة عند الحاجة إذا كنت على وشك الصراع مع طفلك، حيث أنه قد يجعله أسوأ بدلًا من أن يكون أفضل.
- ضع حدود معقولة ومناسبة لعمر الطفل، وافرض عقاب للسلوك السيئ الذي يظهر منه.
- ضع جدول وروتين ثابت ومنظم يتضمن أشياء مشتركة تفعلها مع طفلك.
- قم بتكليف الطفل ببعض الواجبات المنزلية الضرورية والتي لا تنجز إلا إذا نفذها الطفل، ولكن احرص على تكليفه بمهام سهلة وبعد ذلك اجعله يشترك تدريجيًا في أداء المهام الأكثر صعوبة.
- اعتن بنفسك وحاول العمل مع البالغين الآخرين الذين يتفاعلون مع الطفل واحصل على دعم منهم أيضًا.
هل يمكن الوقاية من اضطراب التحدي الاعتراضي؟
على الرغم من أنه قد لا يكون من الممكن منع اضطراب التحدي المعارض، إلا أن التعرف على الأعراض والتعامل معها عند ظهورها لأول مرة يمكن أن يقلل من الضيق الذي يشعر به الطفل والعائلة بالإضافة إلى منع العديد من المشكلات المرتبطة بهذا الاضطراب.
مضاعفات اضطراب التحدي الاعتراضي
قد يؤدي إلى مشكلات تشمل:
- ضعف الأداء في المدرسة والعمل.
- السلوك المعادي للمجتمع.
- مشكلات قانونية.
- اضطراب إساءة استخدام الأدوية.
- الانتحار.
ما الفرق بين اضطراب التحدي الاعتراضي واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط؟
وجدت الأبحاث أن 40% من الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يعانون أيضًا من اضطراب التحدي الاعتراضي، في حين أنهما قد يحدثان معًا عادةً إلا أنهما حالتان مختلفتان.
فاضطراب التحدي الاعتراضي يرتبط بسلوك الطفل وكيفية تفاعله مع والديه وإخوته ومعلميه وأصدقائه، أما اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط هو اضطراب يحدث في النمو العصبي يتسبب في تشتيت انتباه الشخص بسهولة وعدم التنظيم والقلق المفرط.
اقرأ أيضًا: أعراض الاضطراب النفسي
من الضروري فهم أسباب وآليات الظهور الفعلي للسلوك المعارض، وذلك لتقديم الدعم والمساعدة المناسبة للفرد المتأثر.
في النهاية، يجب على الأسر والمجتمعات الاعتراف بأهمية دعم ومساعدة الأطفال والمراهقين المصابين بهذا الاضطراب، وذلك لضمان نموهم الصحي والنفسي والاجتماعي بشكل إيجابي.
لا تتردد في حجز موعدك في عيادة الدكتور معن العبكي
المصادر:
- Professional, C. C. M. (n.d.-y). Oppositional Defiant Disorder (ODD). Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/9905-oppositional-defiant-disorder
- Oppositional defiant disorder (ODD) – Symptoms and causes – Mayo Clinic. (2023, January 4). Mayo Clinic. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/oppositional-defiant-disorder/symptoms-causes/syc-20375831
- Oppositional defiant Disorder (ODD) in children. (2024, January 17). Johns Hopkins Medicine. https://www.hopkinsmedicine.org/health/conditions-and-diseases/oppositional-defiant-disorder
- Department of Health & Human Services. (n.d.-a). Oppositional defiant disorder (ODD). Better Health Channel. https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/oppositional-defiant-disorder-odd