في عالم مليء بالتحديات والضغوطات، يتعامل الجميع مع مشكلاتهم وصراعاتهم بطرق مختلفة، من بين هذه الطرق تبرز بعض الشخصيات السلبية العدوانية، والتي قد تكون لها تأثيرات كبيرة على العلاقات الشخصية والمهنية والنفسية.
تلك الشخصيات التي تُظهر ردود فعل سلبية وعدوانية في مواقف متعددة، تُثير القلق والتساؤلات حول أسباب تصرفاتها وكيفية التعامل معها.
يوضح الدكتور معن العبكي أخصائي الطب النفسي ومعالجة الإدمان في هذا المقال أبرز صفات الشخصية السلبية العدوانية، وأثرها على الفرد والمحيط المحيط به، بالإضافة إلى الطرق التي يمكن من خلالها التعامل مع هذه الشخصيات وفهمها أكثر.
ما هي الشخصية السلبية العدوانية؟
الشخصية السلبية العدوانية تشير إلى نمط شخصي يتميز بالعدوانية والتصرفات السلبية في التعامل مع الآخرين والمواقف المختلفة، وهذا النمط الشخصي يتضمن مجموعة من السلوكيات والميزات النفسية التي قد تكون ضارة بالفرد وبالعلاقات الاجتماعية والعملية له.
وغالبًا ما تكون هذه السلبية عبارة عن مقاومة مستمرة لاقتراحات الآخرين أو الميل إلى التصرف بطرق تتعارض مع توقعات الآخرين أو طلباتهم أو أوامرهم، وعادةً يكون هذا التصرف دون أي سبب للمعارضة.
اقرأ أيضًا: الذهان
سمات تظهر على أصحاب الشخصية السلبية العدوانية
الإصابة بالشخصية السلبية العدوانية يمكن أن تظهر على شكل مجموعة من الأعراض والتصرفات التي تؤثر سلبًا على الفرد والعلاقات الاجتماعية والعملية.
فيما يلي بعض السمات المميزة للشخصية السلبية العدوانية:
العدوانية
يظهر الشخص تصرفات عدوانية وعصبية بشكل متكرر، سواء بالكلام أو الأفعال، ويميل إلى التصعيد في النقاشات والمواجهات.
بالإضافة إلى أنه قد يظهر الفرد ردود فعل عاطفية مفرطة وسريعة الغضب في مواقف متعددة بدون سبب واضح، فقد يفتقد الفرد القدرة على التحكم في ردود فعله ويقع في فخ التصرفات العدوانية بشكل غير متوقع.
السلبية
يميل الشخص إلى رؤية الأمور بنظرة سلبية وتوجيه انتقادات وانتقادات غير مبررة للآخرين.
الاستفزاز
يقوم الشخص بتحفيز الآخرين بشكل متعمد لإثارة ردود أفعال عدوانية أو نقاشات غير منتجة.
عدم التعاون
يميل الشخص لعدم التعاون والانفتاح على الآخرين، وقد يكون غير مستعد للتواصل وحل الخلافات بشكل بناء.
الاحتكام للعنف
في بعض الحالات الشديدة، قد يقوم الفرد باللجوء إلى العنف الجسدي أو اللفظي كوسيلة للتعبير عن غضبه أو إثارة الخوف، ويتم ذلك من خلال الصراخ أو الإهانة أو حتى التهديد بالعنف.
الشكوك والانعزال
يعاني الشخص من عدم الثقة بالآخرين ويميل إلى الانعزال وتجنب الاجتماعات الاجتماعية.
التوتر والقلق المستمر
يعيش الفرد تحت ضغط نفسي مستمر، مما يؤدي إلى شعوره بالتوتر والقلق في معظم الأوقات.
الانتقاد المستمر
يميل الشخص إلى انتقاد الآخرين بشكل مستمر دون أساس واضح، وغالبًا ما يتم تقليل قيمة وإنجازات الآخرين.
تدهور العلاقات
يعيش الفرد في بيئة مليئة بالخلافات والتوترات، وقد يؤدي هذا إلى تدهور العلاقات الشخصية والاجتماعية.
سلوكيات أخرى
مثل:
- التصرف بعناد مفرط.
- تأجيل استكمال المهام التي تطوع الشخص من البداية للقيام بها.
- ارتكاب الأخطاء عمدًا في الاجتماعات أو المواعيد أو المناسبات.
- وضع مستندات مهمة في غير مكانها عمدًا لتجنب السفر، أو العمل.
- الشكوى المفرطة من سوء الحظ الشخصي، والازدراء بشكل مستمر.
- الشعور بالحسد والاستياء تجاه المحظوظين نسبيًا.
- الشعور بمشاعر عدم الكفاءة أو تدني احترام الذات.
- التصرف ببرود أو انتقام تجاه الآخرين دون توضيح السبب.
تُعد هذه السلوكيات والميزات علامات على الشخصية السلبية العدوانية التي قد تحتاج إلى تقييم ومعالجة نفسية للتعامل مع الأسباب الكامنة وراء هذا النمط الشخصي وتطوير استراتيجيات تحسين العلاقات والتواصل مع الآخرين.
أسباب الشخصية السلبية العدوانية
غالبًا ما تنشأ هذه الشخصية بسبب مجموعة من العوامل والأسباب التي تتراوح بين الأسباب النفسية والاجتماعية والبيولوجية.
فيما يلي بعض الأسباب الشائعة لظهور هذا النمط الشخصي:
التربية السلبية قد تؤدي لـ الشخصية السلبية العدوانية
قد يكون للتربية السلبية دور كبير في تكوين شخصية عدوانية، فالأفراد الذين نشؤوا في بيئة تتسم بالعنف أو الاستجابات العدوانية المستمرة قد يتطورون ليصبحوا أكثر عرضة لتطوير شخصية سلبية عدوانية.
التجارب النفسية الصعبة
التجارب النفسية السلبية مثل التعرض للإهمال، الإساءة، أو العنف في مراحل الطفولة قد تسهم في ظهور نمط شخصي عدواني.
المشاكل النفسية
إن المشاكل أو الاضطرابات النفسية مثل اضطراب الغضب، أو اضطراب الشخصية النرجسية، أو اضطرابات القلق قد تكون وراء تكوين هذه الشخصية.
العوامل البيولوجية
هناك بعض الدراسات التي تشير إلى وجود عوامل بيولوجية قد تلعب دورًا في تطور الشخصية العدوانية، مثل التغيرات في التوازن الكيميائي للدماغ أو الوراثة.
الضغوط الاجتماعية والبيئية
الضغوط الاجتماعية مثل التوتر في العمل، المشاكل الاقتصادية، أو التعامل مع العلاقات العاطفية المعقدة قد تسهم في تطوير سلوكيات عدوانية.
نمط التفكير
بعض الأفراد يميلون إلى التفكير السلبي والتركيز على الجوانب السلبية في الحياة، مما يؤدي إلى تكوين شخصية سلبية عدوانية.
التجربة والتعلم
تجربة التعامل المستمر مع الأوضاع الصعبة والمواجهة المستمرة للصراعات قد تؤدي إلى تكوين شخصية عدوانية للتعامل مع هذه الأوضاع.
اقرأ أيضًا: أعراض الإرهاق النفسي
طرق تشخيص الشخصية السلبية العدوانية
تشخيص الشخصية السلبية العدوانية يتطلب تقييماً شاملاً يستند إلى مجموعة من الأدوات والطرق المتخصصة لتقييم السلوك والميزات النفسية للفرد.
فيما يلي بعض الطرق الشائعة المستخدمة في تشخيص الشخصية السلبية العدوانية:
المقابلة النفسية
يتم فيها إجراء مقابلة شخصية مع المريض للتعرف على تاريخه النفسي والاجتماعي، ولفهم الأعراض والتصرفات والسلوكيات التي يظهرها الفرد وتحديد نوع وشدة الشخصية السلبية العدوانية.
استبيانات الشخصية
تستخدم هذه الاستبيانات المعترف بها لتقييم ميزات الشخصية والتصرفات العدوانية، مثل استبيان الشخصية الكبيرة (Big Five Personality Traits) واستبيان الغضب (Anger Inventory).
تقييم الشخصية السلبية العدوانية
يتم تقييم مدى العدوانية والتصرفات العدوانية المستمرة للفرد، ويمكن استخدام مقاييس معترف بها لقياس مستوى العدوانية ونوعها.
تقييم العلاقات الاجتماعية
يمكن أن يكون لتقييم العلاقات الاجتماعية والعملية دورًا مهمًا في تشخيص الشخصية السلبية العدوانية، حيث يمكن أن تكون العلاقات العاطفية والاجتماعية مصدرًا للضغوط والتوترات التي تؤدي إلى التصرفات العدوانية.
إجراء تحاليل وفحوصات
في بعض الحالات، قد يتم إجراء فحوصات طبية وتحاليل دم للبحث عن أسباب بيولوجية محتملة وراء السلوك العدواني.
طرق العلاج للتخلص من الشخصية السلبية العدوانية
علاج الشخصية السلبية العدوانية يتطلب نهجاً متعدد الجوانب يشمل العلاج النفسي، العلاج الدوائي، والتدابير الاجتماعية.
وفيما يلي بعض الطرق المستخدمة في علاج هذه الشخصية:
العلاج النفسي لـ الشخصية السلبية العدوانية
والذي يتضمن:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يُعتبر العلاج السلوكي المعرفي من الأساليب الفعّالة في علاج الشخصية السلبية العدوانية، حيث يساعد الفرد على التعرف على التصورات والمعتقدات السلبية وتغيير السلوكيات العدوانية المتعلقة بها.
- العلاج النفسي الديناميكي: يركز هذا العلاج النفسي على تحليل الأحداث والتجارب التي قد تكون وراء تطوير الشخصية السلبية العدوانية وتقديم الدعم النفسي للفرد.
- العلاج الأسري: يتضمن مشاركة أفراد العائلة في جلسات علاجية لتحسين الاتصال والتفاعلات الاجتماعية والعائلية.
- التدريب على مهارات التواصل: يساعد الفرد على تطوير مهارات التواصل الفعّالة والتعبير عن الغضب والتوتر بطرق صحية وبناءة.
العلاج الدوائي
وتشمل ما يلي:
- الأدوية المهدئة لمساعدة الفرد في التحكم في التوتر والغضب، مثل:
- مضادات الاكتئاب.
- مضادات القلق.
- مثبتات المزاج.
- الأدوية المثبطة للغضب: بعض الأدوية المثبطة للغضب يمكن أن تكون فعّالة في التحكم في الانفعالات العدوانية والغضب المفرط.
العلاجات الاجتماعية لأصحاب الشخصية السلبية العدوانية
مثل:
- برامج التدريب على التحكم في الغضب: توفير برامج وورش عمل تدريبية لتعلم مهارات التحكم في الغضب والتوتر.
- الدعم الاجتماعي: تشجيع الفرد على بناء شبكة دعم اجتماعي قوية للتعامل مع الضغوط اليومية والتوترات.
- العلاج الجماعي: المشاركة في جلسات علاجية جماعية تساعد في تحسين الاتصال وتقديم الدعم المتبادل بين الأفراد الذين يعانون من نفس المشكلة.
المصادر:
- السلوك العدواني-السلبي: ما الأعلام الحمراء؟ – Mayo Clinic (مايو كلينك). (n.d.). https://www.mayoclinic.org/ar/healthy-lifestyle/adult-health/expert-answers/passive-aggressive-behavior/
- Huizen, J. (2020, December 1). What is passive-aggressive personality disorder? https://www.medicalnewstoday.com/articles/passive-aggressive-personality-disorder
- Bill Pelz, Herkimer Community College. (n.d.). Passive-Aggressive Personality Disorder (Negativistic Personality disorder) | Abnormal Psychology. https://courses.lumenlearning.com/atd-herkimer-abnormalpsych/chapter/passive-aggressive-personality-disorder-negativistic-personality-disorder/
- Negativistic (Passive-Aggressive) Personality Disorder | HealthyPlace. (2009, October 1). https://www.healthyplace.com/personality-disorders/malignant-self-love/negativistic-passive-aggressive-personality-disorder