جنون الارتياب أو ما يُسمى أيضًا بـ البارانويا هو اضطراب نفسي يتمثّل بشكوك غير عقلانية وفقدان الثقة بالآخرين، فعلى سبيل المثال يشعر المريض أنه معرض للتهديد مثل مراقبة الأشخاص له أو وقوفهم ضده أو يشعر بالخطر والملاحقة من الآخرين.
يُمكن أن تكون هذه المشاعر مزعجة للمُصاب وقد تؤثر على حياته اليومية، ما هي أعراض جنون الارتياب وما هي أسبابه ؟ وغير من الأسئلة التي سيُجيبنا عليها الدكتور معن العبكي أخصائي الطب النفسي ومعالجة الإدمان في هذا المقال
أعراض جنون الارتياب
قد تتراوح أعراض جنون الارتياب من خفيفة إلى شديدة، وعادًة ما تعتمد على السبب، ولكن بشكل عام، يمكن للشخص المصاب بـ البارانويا أن يُعانوا من الأعراض التالية:
- انعدام الثقة بالآخرين.
- عدم القدرة على التعامل مع أي نوع من الانتقادات.
- كثرة الشك بالآخرين.
- مواجهة صعوبة في تكوين العلاقات الاجتماعية.
- الشعور أن الآخرين يتآمرون ضده و يحاولون إلحاق الأذى به.
- صعوبة المسامحة أو نسيان المواقف.
- عدم تقبل النقد.
- العدائية والعدوانية المستمرة.
- حب العزلة والابتعاد عن الآخرين.
- الاعتقاد بأن الأشخاص يتكلمون عنه بسوء.
أسباب جنون الارتياب
الأسباب الدقيقة لجنون الارتياب غير معروفة إلى الآن، ولكن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة ومنها:
- الجينات أو العوامل الوراثية: على الرغم من أن هذا لم يتم إثباته بشكلٍ دقيق إلى الآن، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن احتمالية الإصابة قد تزداد في حال كان أحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى مُصاب بـ جنون الارتياب.
- تغيرات في كيمياء الدماغ: تشكل الناقلات العصبية أساس الأفكار والمشاعر، وحدوث اضطراب فيها قد يؤدي إلى أفكارًا ومشاعر وسلوكيات ترتبط بجنون الارتياب.
- التعرض السابق لأحداث مؤلمة:على سبيل المثال، قد يؤدي سوء المعاملة في مرحلة الطفولة إلى تشويه الطريقة التي يفكر بها الشخص ويشعر بها طوال حياته.
- التعرّض لإجهاد الشديد: أظهرت بعض الدراسات أن البارانويا أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين عانوا من إجهاد شديد ومستمر.
ملاحظة: قد يكون هناك عدد من العوامل الوراثية والبيئية التي إذا اجتمعت معًا قد تؤدي إلى جنون الارتياب.
هل البارانويا تصنف كمشكلة نفسية؟
جنون الارتياب لا يعتبر مشكلة نفسية في حد ذاته ولكن يمكن أن يكون عّرَض لمشاكل نفسية أخرى
يمكن أن يكون جنون الارتياب أحد أعراض الذهان، ويمكن أن يكون هذا جزءًا من بعض المشاكل النفسية، بما في ذلك:
- الفصام: وهي مشكلة نفسية تتعلق بالذهان.
- الاضطراب الفصامي العاطفي: حيث يُعاني المُصاب من الذهان بالإضافة إلى أعراض الاضطرابات المزاجية.
- اضطراب ثنائي القطب: يعاني بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب من الذهان، وغالبًا ما يكون ذلك خلال نوبات الهوس.
- ذهان ما بعد الولادة: وهو نوع من الذهان النادر الذي يتطور بعد الولادة تحدث فيه اضطرابات مزاجية والتفكير في إيذاء النفس أو إيذاء الطفل.
تشخيص جنون الارتياب
يتضمن تشخيص جنون الارتياب طرح أسئلة تفصيلية من قبل الطبيب حول المشكلات الحالية والتاريخ العائلي والتاريخ الطبي للمريض و أي أثر جانبي من أي دواء يستخدمه الشخص المصاب.
قد يوصي يقوم أيضًا بإجراء فحص بدني أو اختبارات دم أو فحوصات تصويرية أخرى لاستبعاد أي أسباب عضوية تؤدي إلى ظهور الأعراض.
كما قد يخضع المريض لإجراء فحوصات واختبارات نفسية،للتحقق من عدم مُعاناته أيضاً من اضطراب ثنائي القطب، أو اضطراب القلق، أو الاكتئاب.
علاج جنون الارتياب
يشعر الكثير من الأشخاص بمشاعر جنون الارتياب في مرحلة ما من حياتهم، ولكن إذا بدأ في التأثير على الحياة اليومية، فقد يكون ذلك علامة على أن الشخص يُعاني من مشكلة نفسية تحتاج لعلاج.
يعتمد علاج هذه الحالة على السبب الكامن وراءها، وقد يشمل العلاج النفسي أو الدوائي أو كلاهما.
وفيما يلي يوضح د معن العبكي العلاج التفصيلي لجنون الارتياب:
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
العلاج السلوكي المعرفي هو أحد أنواع العلاج النفسي، ويُعتبر فعّال في حالات جنون الارتياب الخفيفة.
يتضمن استخدام تقنيات سلوكية محددة من قبل الطبيب لمساعدة المريض على التحكم في معتقداته المضطربة تجاه الآخرين وتعليمه كيفية تطوير مهارات صحيحة للتعامل معها.
الأدوية
في بعض الحالات قد يصف الطبيب بعض الأدوية للسيطرة على الأعراض الشديدة، أو إذا كان المريض يُعاني أيضًا من مشكلة نفسية أخرى مثل القلق أو الاكتئاب أو الذهان، فقد يصف الطبيب:
- أدوية مضادة للذهان.
- مضادات للقلق أو مضادات للاكتئاب.
نصائح عامة للتعايش من جنون الارتياب
يمكن أن تساعد الرعاية الذاتية على السيطرة على أعراض جنون الارتياب بطريقة صحية وإيجابية.
والتي تشتمل الآتي:
- الحصول على قسط كافٍ من النوم خلال الليل بما لا يقل عن 7-8 ساعات.
- تناول وجبات منتظمة وصحية للحفاظ على استقرار نسبة السكر في الدم.
- ممارسة نشاطًا بدنيًا منتظمًا لتخفيف التوتر والقلق.
- ممارسة التنفس العميق للسيطرة على أعراض التوتر.
هل البارانويا شكل من أشكال القلق؟
لا، القلق وجنون الارتياب مختلفان، فـ القلق يسبب الخوف وشعور مستمر بالإرهاق، ويرتبط دائمًا بمشاعر خوف وقلق غير واقعية بشأن الأمور اليومية، مثل مسؤوليات العمل أو الصحة أو الأعمال المنزلية.
القلق هو مصطلح عام، أما جنون الارتياب هو أكثر تحديدًا، فهو ينطوي على مشاعر عدم الثقة والشك في الآخرين دون وجود أدلة كافية أو منطقية لهذه المشاعر.
الفرق الآخر هو أن القلق يمكن أن يصنف كمشكلة نفسية يمكن تشخيصها، مثل اضطراب القلق العام أو اضطراب القلق الآخر، أما جنون الارتياب فهو ليس مشكلة نفسية محددة، ولكنه يمكن أن يكون سمة من مشاكل نفسية عديدة.
المراجع:
- Frysh, P. (2023, September 21). Paranoia. WebMD. https://www.webmd.com/mental-health/why-paranoid
- Department of Health & Human Services. (n.d.-a). Paranoia. Better Health Channel. https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/paranoia
- What is paranoia? (n.d.). Mind. https://www.mind.org.uk/information-support/types-of-mental-health-problems/paranoia/what-is-paranoia/#IsParanoiaAMentalHealthProblem
- Professional, C. C. M. (n.d.-i). Paranoia. Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/symptoms/paranoia#possible-causes
- Healthdirect Australia. (n.d.). Paranoia. Healthdirect. https://www.healthdirect.gov.au/paranoia#diagnosed
- Bernstein, S. (2022, May 10). Understanding and managing paranoia. WebMD. https://www.webmd.com/schizophrenia/understanding-and-managing-paranoia#1-4