يبرز الخوف من الأماكن الضيقة كظاهرة تؤثر على حياة الأفراد بشكل ملحوظ، حيث أن هذه التجربة تتجلى في الشعور بالقلق الشديد والرهبة عندما يتعرض الشخص لمواجهة أو حتى التفكير في البقاء في أماكن ضيقة أو محصورة.
تعد هذه الظاهرة جزءًا من اضطرابات القلق التي يمكن أن تؤثر على حياة الأفراد بشكل كبير، سواء في الأوقات اليومية أو في مواقف محددة مثل ركوب المصاعد أو التواجد في أماكن مغلقة.
في هذا المقال، يوضح الدكتور معن العبكي أخصائي الطب النفسي ومعالجة الإدمان أسباب رهاب الأماكن الضيقة وتأثيراته على الحياة اليومية للأفراد، بالإضافة إلى الاستراتيجيات والعلاجات المتاحة لمواجهة والتغلب على هذا النوع من القلق.
ما المقصود بـ الخوف من الأماكن الضيقة؟
رهاب الأماكن الضيقة، هو نوع من اضطرابات القلق يتمثل في الخوف المفرط وغير المنطقي من الأماكن الضيقة أو المحصورة.
يشمل ذلك الأماكن مثل الأقفاص الصغيرة، والمصاعد، والأماكن المغلقة دون وجود مخرج سهل، وغالبًا ما يترافق مع الشعور بالقلق الشديد، والخوف من فقدان السيطرة، والشعور بالاختناق أو الضيق.
الخوف من الأماكن المغلقة يمكن أن يكون مصدر قلق شديد ويؤثر على حياة الشخص بشكل سلبي، مما قد يحد من حريته في الحركة والتنقل، ويؤثر على جودة حياته العامة.
اقرأ أيضًا: ما هو الخوف من المجهول؟
ما مدى شيوع الخوف من الأماكن الضيقة؟
يعاني حوالي 12.5% من السكان من الخوف من الأماكن المغلقة، الشخص العادي الذي يعاني من رهاب محدد، مثل رهاب الأماكن المغلقة، يخاف من ثلاثة أشياء أو مواقف.
من يصاب برهاب الأماكن المغلقة؟
الخوف من الأماكن الضيقة أكثر شيوعًا عند الإناث منه عند الذكور.
وبشكل عام قد يصيب هذا الرهاب أي شخص وفي أي عمر، إلا أن معظمه يتطور في مرحلة الطفولة والمراهقة.
ما أسباب الخوف من الأماكن الضيقة؟
الخوف من الأماكن الضيقة، قد يكون ناتجًا عن عدة أسباب مختلفة، ومن أبرز هذه الأسباب:
حدث صادم في الطفولة
قد يكون لدى الشخص تجربة سابقة سلبية أو حدث صادم في الطفولة حيث أنه قد يكون محصور في موقف ضيق أو مغلق، مثل الإحتجاز في مصعد أو تجربة صعوبات في التنفس، مما يؤدي إلى تكوين رابط سلبي مع الأماكن المغلقة.
الأحداث المؤرقة
قد يكون الخوف من الأماكن الضيقة ناتجًا عن أحداث مؤرقة أو مواقف تسببت في الشعور بالضيق أو فقدان السيطرة، مثل الكوارث الطبيعية أو الحوادث.
العوامل الوراثية
قد يكون هناك عوامل وراثية تلعب دورًا في تطوير الخوف من الأماكن الضيقة حيث يكون لدى بعض الأفراد ارتباط جيني بالقلق أو الاضطرابات النفسية.
التربية والبيئة
قد يكون للبيئة التي نشأ فيها الفرد دور كبير في تطوير هذا الخوف، مثل الحصول على ردود فعل سلبية من الأهل أو البيئة المحيطة عند مواجهة المواقف الضيقة.
القلق العام
يمكن أن يكون الخوف من الأماكن المغلقة جزءًا من اضطرابات القلق العامة، حيث يعاني الشخص من تجارب متكررة من القلق والرهبة في مواقف مختلفة.
أعراض الخوف من الأماكن الضيقة
الشعور برهاب الأماكن المغلقة، يمكن أن يكون متنوعًا ويختلف من شخص لآخر، ولكن بشكل عام يمكن أن يتضمن الأعراض التالية:
الأعراض الجسدية
تشمل ما يلي:
- التعرق.
- ضيق في الصدر.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- التنفس بسرعة، أو صعوبة التنفس.
- القشعريرة واحمرار الوجه.
- الشعور بالاختناق.
- الشعور باضطراب في المعدة.
- الدوخة أو الدوار أو الإغماء.
- الشعور بالارتباك.
- خدران ووخز.
- جفاف الفم.
- رنين في الأذن.
- البكاء، نوبات الغضب، التجمد أو التشبث (أعراض رهاب معين عند الأطفال).
الأعراض العاطفية
نذكرها لك كما يلي:
- الخوف من فقدان السيطرة.
- الخوف من الإغماء.
- مشاعر الرهبة.
- الخوف من الموت.
- الشعور بالقلق الشديد.
- الشعور بالحاجة الشديدة لترك الوضع.
- فهم أن الخوف ليس عقلانيًا، لكن لا يمكنك التغلب عليه.
كيف يتم تشخيص الخوف من الأماكن الضيقة؟
تشخيص الخوف من الأماكن الضيقة يتم عادةً عن طريق التقييم النفسي، حيث أنه بناءً على معايير معينة يقوم الطبيب بتشخيص الخوف من الأماكن الضيقة لدى الشخص، وقد تشمل:
- الخوف من الأماكن المغلقة بشكل شديد لمدة ستة أشهر أو أكثر.
- يتعلق الخوف أو القلق بموقف أو شيء محدد، من الأماكن المغلقة مثل المصعد أو السيارة الصغيرة.
- يحدث الخوف والقلق دائمًا تقريبًا بمجرد أن مواجهة الخوف المحدد أو التفكير في الموقف الذي يخشى منه الشخص.
- تجنب الموقف المخيف أو قد يتحمله الشخص بخوف أو قلق شديد.
- خوف الشخص لا يتناسب مع الخطر الفعلي.
- خوف يسبب لدى الشخص ضيقًا كبيرًا أو يعيق قدرته على العمل بشكل كبير.
كيف يتم علاج الخوف من الأماكن الضيقة؟
علاج رهاب الأماكن الضيقة، يتضمن عدة خطوات وإجراءات تهدف إلى تخفيف الأعراض وتمكين الشخص من التعامل بشكل أفضل مع المواقف التي تسبب له القلق والخوف.
تشمل الطرق الشائعة لعلاج هذا النوع من الخوف:
العلاج بالتعرض
يتمثل هذا العلاج في تعريض الشخص تدريجيًا للمواقف أو الأماكن المغلقة التي يخاف منها، بدءًا من الأماكن التي تسبب له القلق الأقل، مع تعليمه تقنيات التنفس العميق والاسترخاء للتعامل مع القلق.
وقد يشمل أيضًا العلاج بالتعرض ما يلي:
- مواجهة الخوف مباشرة، في الوقت الحقيقي.
- تذكر ووصف تجربتك المخيفة.
- النظر إلى الصور أو استخدام الواقع الافتراضي للاقتراب من التجربة الحقيقية المخيفة مع التواجد في بيئة آمنة.
العلاج السلوكي المعرفي
يركز هذا النوع من العلاج النفسي (العلاج بالكلام) على التحكم في الرهاب عن طريق تغيير طريقة تفكير ومشاعر وتصرفات الشخص.
بالإضافة إلى تغيير الأفكار السلبية والتخوفات المتعلقة بالأماكن الضيقة، واستبدالها بأفكار إيجابية أكثر.
العلاج الدوائي
في بعض الحالات، قد يصف الطبيب الأدوية المضادة للقلق أو المضادة للاكتئاب لمساعدة الشخص على تخفيف الأعراض المرتبطة بالخوف من الأماكن الضيقة.
ويجدر بالذكر أنه يتم اختيار الأدوية بناءً على الحالة الفردية للشخص وشدة الأعراض التي يعاني منها.
ما الذي يمكنني فعله للتعامل بشكل أفضل مع رهاب الأماكن الضيقة؟
نقدم لك النصائح التالية:
- تحدث إلى شخص تثق به فهذا قد يكون مفيدًا لك.
- تعلم تقنيات الاسترخاء، مثل: التأمل، وتمارين التنفس العميق، اليقظة الذهنية.
- انضم إلى مجموعة دعم، فقد تكون مفيدة في معرفة أنك لست وحدك ولمشاركة النصائح والإرشادات مع الآخرين.
- اعتن بنفسك من خلال:
- تناول نظام غذائي متوازن.
- اتبع عادات النوم الجيدة.
- مارس الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل خمسة أيام في الأسبوع.
في الختام، يُعد الرهاب من الأماكن المغلقة، اضطرابًا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على حياة الأفراد، ومع ذلك يتوفر العديد من العلاجات المؤثرة للمساعدة في إدارة وتخفيف أعراض هذا النوع من الخوف.
لذلك نشجع الأفراد الذين يعانون من هذه الحالة على البحث عن المساعدة المهنية للحصول على الدعم اللازم والتعافي الكامل من هذا الاضطراب، لاستعادة حريتهم وجودة حياتهم الجيدة.
المصادر:
- Professional, C. C. M. (n.d.-c). Claustrophobia (Fear of enclosed spaces). Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/21746-claustrophobia
- Website, N. (2023a, April 5). Claustrophobia. nhs.uk. https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/claustrophobia/#:~:text=Claustrophobia%20is%20the%20irrational%20fear,tube%20trains%20and%20public%20toilets