تعتبر الصدمة النفسية عند الاطفال من التجارب القاسية التي قد تؤثر بشكل كبير عليهم، حيث تمثل تجارب مؤلمة قد تغير من منظورهم نحو العالم.
يتعرض الأطفال للصدمات النفسية نتيجة لأحداث مفاجئة كالكوارث الطبيعية، أو تجارب شخصية كالفقدان أو الانتقالات الكبيرة، مما يتطلب من الأهل والمجتمع دعماً فورياً وفعالاً لمساعدتهم على التعافي وبناء قدراتهم على التكيف مع التحديات النفسية.
في هذا المقال يوضح لنا الدكتور معن العبكي أخصائي الطب النفسي ومعالجة الإدمان أهم المعلومات حول الصدمة النفسية عند الاطفال.
ما المقصود بـ الصدمة النفسية عند الاطفال؟
الصدمة النفسية عند الاطفال تشير إلى رد فعل نفسي شديد يحدث نتيجة لتعرض الطفل لحدث مفاجئ أو مروع، وهذا بدوره يتسبب في إحداث تأثيرات نفسية عميقة وتغيرات في السلوك والمشاعر.
وعادةً ما تحدث هذه الصدمة خلال السنوات الأولى من حياة الشخص أي قبل سن 18 عامًا.
يجدر بالذكر أن هذه التجارب مؤلمة عاطفيًا أو جسديًا وغالبًا ما تعطل شعور الطفل بالأمان والطمأنينة والرفاهية.
يمكن أن تنتج الصدمة عن حادثة واحدة أو سلسلة من الأحداث ويمكن أن تحدث بسبب عوامل مختلفة، بما في ذلك الإساءة أو الإهمال أو الحوادث أو الكوارث الطبيعية أو مشاهدة العنف.
أنواع الصدمات التي يتعرض لها الطفل؟
يمكن ذكرهم كما يلي:
- العنف الجسدي.
- الإساءة اللفظية أو النفسية.
- الاعتداء أو التحرش الجنسي.
- الإهمال الجسدي والعاطفي للطفل.
- مشاهدة العنف داخل المنزل أو المدرسة.
ما هي أسباب الصدمة النفسية عند الاطفال؟
أسباب الصدمة النفسية عند الأطفال قد تكون متنوعة وتشمل:
- الحوادث الطبيعية، مثل: الأعاصير والفيضانات التي قد تؤدي إلى فقدان أشخاص مقربين.
- الحوادث الخطيرة، مثل: الحوادث المرورية أو التعرض للعنف أو الإساءة.
- وفاة شخص مقرب، أو فقدان الأبوين، أو فقدان الحيوان الأليف المفضل.
- التجارب الصحية مثل: الإقامة في المستشفى لمدة طويلة أو التعرض لعملية جراحية كبيرة.
- التعرض للتنمر في المدرسة، أو التحولات العائلية مثل الطلاق أو التوتر الأسري.
- الكوارث الجماعية، مثل: الحروب، النزوح، والأحداث الجماعية المؤلمة التي يشاهدها الطفل عبر وسائل الإعلام.
أعراض الصدمة النفسية عند الاطفال
الأطفال الذين يعانون من الصدمة النفسية قد يظهرون مجموعة متنوعة من الأعراض التي تشمل:
- القلق والخوف.
- يصبح الطفل عدواني.
- السلوك العصبي والغصب.
- تغيرات في الأداء الدراسي.
- الأرق وصعوبة النوم.
- الحزن الشديد، والإحباط.
- عدم الرضا عن الذات.
- الاكتئاب.
- التفكير المتكرر في الحدث المؤلم.
- التأثر بشدة بالأحداث اليومية أو بطء الاستجابة للمحفزات الخارجية.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها في السابق.
- فقدان الاتصال مع الواقع.
- يبدو منفصلًا أو مخدرًا أو غير مستجيب.
- القلق بشأن الموت في سن مبكرة.
- ظهور أعراض جسدية، مثل:
- الصداع.
- ألم في المعدة.
- التبول اللاإرادي.
- الشعور بالتوتر الشديد.
يجدر بالذكر أن الأعراض قد تختلف في شدتها وطول مدتها حسب كل حالة، وقد يحتاج الطفل إلى دعم عاطفي ونفسي مكثف للتعافي والتأقلم مع تجربته الصعبة.
ما هي العوامل التي تساهم في ظهور أعراض الصدمة النفسية عند الاطفال؟
عندما يواجه الأطفال أحداثاً صادمة، فهذا لا يعني أنهم يعانون دائماً من ضغوط نفسية.
حيث تتأثر حدة الأعراض بعدة عوامل، بما في ذلك خطورة الحدث وقربه من الطفل، وتاريخ الطفل السابق للصدمات.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب العوامل الأسرية والمجتمعية دوراً حاسماً في حماية الأطفال من التأثيرات النفسية السلبية للأحداث المؤلمة.
كيف يتم علاج الصدمة النفسية عند الاطفال؟
علاج هذه الحالة عند الأطفال يتضمن مجموعة من الخطوات والتدابير التي تهدف إلى تقديم الدعم النفسي والعلاج اللازم للطفل للتعافي من التجربة الصعبة.
إليك بعض الطرق الشائعة لعلاج الصدمة النفسية عند الأطفال:
الدعم النفسي الفوري
يجب أن يتم تقديم الدعم العاطفي والمعنوي الفوري للطفل عند حدوث الحدث الصادم.
يمكن ذلك من خلال التحدث معه بشكل هادئ، وتوفير الأمان والحماية، وتقديم الدعم الجسدي إذا لزم الأمر.
التقييم النفسي
يتم تقييم حالة الطفل بشكل شامل من قبل مختص نفسي أو طبيب نفسي مؤهل، لتحديد مدى تأثير الصدمة ونوعية الدعم الذي يحتاجه الطفل.
العلاج النفسي
يشمل العلاج النفسي عادةً جلسات استشارية مع مختص نفسي متخصص في علاج الأطفال.
يمكن استخدام تقنيات مثل العلاج السلوكي المعرفي، والتركيز على العلاقات، والعلاج باللعب للمساعدة في تحسين مهارات التعامل والتأقلم مع الصدمة.
الدعم الأسري
يعتبر دعم الأسرة للطفل أمرًا حيويًا، ولكن يجب تقديم المعلومات والدعم اللازمين لأفراد الأسرة حول كيفية التعامل مع الطفل، وكيفية دعمه وتقديم الرعاية المناسبة خلال فترة التعافي.
العلاج الدوائي
في بعض الحالات الشديدة، قد يوصي الطبيب بالأدوية المضادة للقلق أو المضادة للاكتئاب للمساعدة في إدارة الأعراض النفسية الشديدة، ولكن هذا يتم بعد تقييم دقيق للحالة وتوصيات من الطبيب المعالج.
اقرأ أيضًا: أعراض الإرهاق النفسي
متى تختفي أعراض الصدمة النفسية عند الطفل؟
الفترة التي يستغرقها الطفل حتى تختفي الصدمة من حياته قد تختلف من طفل إلى آخر وتعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك:
- شدة الحدث: كلما كان الحدث أكثر خطورة وشدة، قد يحتاج الطفل إلى وقت أطول للتعافي.
- الدعم المتاح: الدعم النفسي والعاطفي المقدم للطفل يمكن أن يسرع من عملية التعافي، حيث أن الدعم العائلي والاجتماعي والمدرسي يلعب دورًا مهمًا في هذا السياق.
- العمر والنمو العقلي: يمكن أن تؤثر مراحل نمو الطفل وفهمه للأحداث وتأثيرها عليه في مدى تأثير الصدمة ومدة بقائها.
- العوامل الشخصية: الشخصية والطبيعة العاطفية للطفل قد تلعب دورًا في كيفية تعامله مع الصدمة وتأثيرها عليه.
عمومًا، تختفي الأعراض الأكثر حدة عادةً خلال أيام أو أسابيع من حدوث الصدمة، ولكن قد تستمر بعض الأعراض الأقل حدة لفترة أطول، خاصة إذا لم يتم تقديم الدعم اللازم.
من المهم مراقبة حالة الطفل وتقديم الدعم المستمر حتى يتمكن من التكيف والتعافي بشكل كامل.
في الختام، تمثل الصدمة النفسية تجربة صعبة قد يمر بها الأطفال نتيجة لأحداث مفاجئة ومروعة.
يمكن أن تؤثر هذه الأحداث بشكل كبير على الطفل وتترك آثاراً عميقة على صحته النفسية والعاطفية.
ومع ذلك، من المهم تقديم الدعم اللازم لضمان أن يحصل الطفل على الدعم الشامل الذي يحتاجه.
وتذكر أن بفضل هذا الدعم، يمكن للأطفال تجاوز الصدمة والانتقال نحو مستقبل صحي ومستقر.
المصادر:
- Peterson, S. (2023, September 19). About child trauma. The National Child Traumatic Stress Network. https://www.nctsn.org/what-is-child-trauma/about-child-trauma
- Lcsw, A. M. (2023, November 20). Understanding the effects of childhood trauma. Verywell Mind. https://www.verywellmind.com/what-are-the-effects-of-childhood-trauma-4147640
- Van Iderstine, S. (2024, May 2). Signs of trauma in children. Child Mind Institute. https://childmind.org/article/signs-trauma-children/
- Reddy, P. M. (n.d.-b). Impact of trauma on children’s mental health. https://continentalhospitals.com/blog/impact-of-trauma-on-childrens-mental-health/