العلاج بالتعرض هو أحد أنواع العلاج المعرفي السلوكي، ويُستخدم للمساعدة في التغلب على اضطرابات القلق والرهاب. يعتمد على تعريض الشخص تدريجيًا للموقف أو الشيء الذي يثير خوفه، ضمن بيئة آمنة وتحت إشراف متخصص، بهدف تقليل استجابة الخوف بمرور الوقت.
يقوم هذا النوع من العلاج على فكرة أن تجنّب المواقف المخيفة يعزز القلق، بينما يمكن للتعرض المنضبط أن يساعد الشخص على التكيّف معها.
أنواع العلاج بالتعرض
تتضمن أنواع تقنيات العلاج بالتعرض ما يلي:
العلاج بالتعرض المباشر (في الحياة الواقعية)
في هذا النوع من العلاج، يُطلب من الشخص مواجهة الشيء أو الموقف الذي يخيفه بشكل مباشر، لكن بطريقة منظمة وتحت إشراف متخصص. الهدف هو تقليل الخوف تدريجيًا من خلال التعرض الواقعي.
مثال: إذا كانت المصاعد تسبب القلق لشخص ما، فقد يبدأ بالوقوف أمام المصعد دون ركوبه، ثم يتدرج حتى يتمكن من استخدامه دون خوف.
العلاج بالتعرض التخيلي
هنا لا يواجه الشخص الموقف المخيف على أرض الواقع، بل يتخيله بتفاصيله في ذهنه أثناء جلسة العلاج. هذه الطريقة مفيدة خصوصًا عندما يصعب تكرار الحدث في الواقع، أو إذا كان الموقف مرتبطًا بذكرى مؤلمة.
مثال: شخص تعرض لحادث أثناء حريق، قد يُطلب منه أن يتخيل المشهد بتفاصيله مع مرور الوقت لتقليل التوتر المرتبط بالذكرى.
العلاج بالتعرض الداخلي
هذا النوع من العلاج يستهدف الأعراض الجسدية المصاحبة لنوبات الهلع أو القلق، مثل خفقان القلب أو ضيق التنفس. من خلال تكرار تعرّض الشخص لهذه الأعراض بشكل مقصود وآمن، يتعلم أنها طبيعية وليست خطيرة.
على سبيل المثال قد يُطلب من الشخص أن يجري في مكانه لمدة دقيقة حتى يشعر بتسارع في نبضات القلب، ما يساعده على التكيف مع الإحساس بدلاً من الخوف منه.
العلاج باستخدام الواقع الافتراضي
يعتمد على التكنولوجيا لتوفير بيئة افتراضية تشبه الواقع، يُمكن للشخص من خلالها التفاعل مع مواقف تثير قلقه بطريقة آمنة وتحت السيطرة. هذه التقنية مفيدة عندما يكون التعرض في الواقع صعبًا أو غير متاح.
مثلًا شخص يعاني من الخوف من التحدث أمام جمهور، قد يستخدم برنامج واقع افتراضي لمحاكاة حضور مؤتمر يتحدث فيه أمام جمهور افتراضي.
العلاج بالتعرض التدريجي
يُبنى هذا النوع من العلاج على فكرة التدرّج؛ حيث يُطلب من الشخص وضع قائمة بالمواقف التي تثير خوفه، بدءًا من الأسهل إلى الأصعب. ثم يبدأ بالتعرض لتلك المواقف تدريجيًا، مع تعزيز شعوره بالسيطرة في كل مرحلة.
مثال: شخص يعاني من القلق الاجتماعي قد يبدأ بتحية شخص غريب، ثم المشاركة في محادثة قصيرة، وصولًا إلى حضور تجمع اجتماعي كبير.
العلاج بالغمر (الإغراق)
يختلف هذا النوع عن الأساليب السابقة، إذ يتم الطلب من الشخص الدخول مباشرة في الموقف الذي يُثير خوفه لفترة طويلة ودون استخدام وسائل تجنب. الهدف هو كسر استجابة الخوف بسرعة عن طريق المواجهة الكاملة.
فوائد العلاج بالتعرض
العلاج بالتعرض يُعد من الأساليب الفعالة في علاج اضطرابات القلق والمخاوف المرضية، لأنه لا يهدف فقط إلى تقليل القلق مؤقتًا، بل إلى تغيير الطريقة التي يتفاعل بها الدماغ والجسم مع المثيرات المخيفة. فيما يلي أبرز فوائده:
1. تقليل الاستجابة المفرطة للخوف
من خلال التعرّض التدريجي والمتكرر للموقف المثير للقلق، يتعلم الدماغ أن هذا الموقف لم يعد يشكّل تهديدًا حقيقيًا، مما يُضعف استجابة الخوف تدريجيًا ويجعلها أكثر واقعية.
2. كسر دائرة التجنّب
عند الخوف من شيء ما، غالبًا ما يلجأ الشخص إلى تجنّبه كليًا، مما يُعزز من حجم القلق مع مرور الوقت. العلاج بالتعرض يساعد على كسر هذه العادة، ويمنح الشخص فرصة لرؤية أنه قادر على المواجهة دون ضرر.
3. تحسين جودة الحياة
بمجرد تقليل تأثير الخوف أو القلق، يصبح الشخص أكثر حرية في ممارسة أنشطته اليومية. مثل السفر، التفاعل الاجتماعي، أو حتى النوم بهدوء. مما يُسهم في تحسين الحالة النفسية والشعور بالسيطرة.
4. تعزيز الثقة بالنفس
كل تجربة ناجحة يمر بها الشخص أثناء التعرض تُعزز شعوره بالقدرة على التحكم. مما يرفع من ثقته بنفسه ويقلل من اعتماده على الآخرين أو على استراتيجيات الأمان المؤقتة.
5. إعادة تدريب الدماغ
يساعد هذا النوع من العلاج على “إعادة برمجة” الاستجابة العصبية للمواقف المخيفة، حيث تصبح اللوزة الدماغية – وهي المسؤولة عن استشعار التهديد – أقل حساسية للمحفزات غير الواقعية.
6. تقليل الاعتماد على الأدوية
في بعض الحالات، يُسهم العلاج بالتعرض في تقليل الحاجة إلى الأدوية المضادة للقلق، لأنه يُعالج جذور المشكلة وليس فقط أعراضها.
7. يعلّم مهارات تأقلم طويلة المدى
عوضًا عن تجنّب المواقف الصعبة، يتعلّم الشخص من خلال العلاج بالتعرض كيفية التعامل معها بثبات ووعي، ما يجعله أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات المستقبلية.
قد يهمك: علاج الصدمة النفسية
المراجع: