قد يشعر البعض بانزعاج شديد عند رؤية ثقوب صغيرة متقاربة، مثل خلية نحل، أو بذور الفراولة، أو فتحات في الإسفنج. هذا الشعور المزعج لا يكون مجرد نفور بصري، بل في بعض الحالات يتحول إلى قلق عميق يصاحبه غثيان، قشعريرة، أو حتى نوبات هلع. هذه الحالة تُعرف باسم فوبيا الثقوب (Trypophobia).
ما هي فوبيا الثقوب؟
فوبيا الثقوب هي استجابة نفسية سلبية ومفرطة تجاه رؤية أنماط معينة من الثقوب أو الفراغات المتكررة والمتقاربة. على الرغم من أن هذا النوع من الفوبيا لا يُصنّف رسميًا في معظم كُتب الطب النفسي كاضطراب مستقل، إلا أن الأعراض التي يصفها المصابون حقيقية ومزعجة، وتؤثر على جودة حياتهم في بعض الأحيان.
اقرأ أيضًا: أعراض الصدمة النفسية.
كيف تظهر فوبيا الثقوب؟
قد تختلف الاستجابة من شخص لآخر، ولكن الأعراض الشائعة تشمل:
- الشعور بالاشمئزاز أو القرف الشديد.
- الرغبة في الابتعاد فورًا عن الصورة أو الشيء الذي يسبب الانزعاج.
- حكة أو شعور بزحف شيء على الجلد.
- غثيان أو رغبة في التقيؤ.
- في بعض الحالات: دوار أو تسارع نبض القلب أو حتى نوبة هلع خفيفة.
العوامل التي تُثير الفوبيا عادة ما تكون صورًا تحتوي على ثقوب صغيرة متكررة، سواء كانت طبيعية (كالمرجان، والنباتات، والحشرات) أو صناعية (كالإسفنج، أو تصاميم فنية معينة).
لماذا يخاف بعض الناس من الثقوب؟
رغم أن الأبحاث حول هذه الظاهرة لا تزال محدودة، هناك بعض النظريات التي تحاول تفسير فوبيا الثقوب:
1. استجابة تطورية
يعتقد بعض الباحثين أن هذا الخوف قد يكون غريزيًا تطور مع الإنسان كوسيلة للبقاء؛ إذ أن بعض الكائنات السامة (كالضفادع السامة أو الحشرات) تمتلك أنماطًا جلدية تشبه الثقوب. وبالتالي، فإن الدماغ يستجيب تلقائيًا لهذه الأنماط كنوع من التحذير أو النفور الغريزي.
2. الربط اللاواعي بالمرض أو العدوى
يرى آخرون أن الثقوب المتقاربة قد تشبه جروحًا جلدية أو أمراضًا جلدية معدية، مثل الجُدَري أو الطفح الجلدي، مما يثير شعورًا بالخطر أو العدوى.
3. الحساسية البصرية
بعض الأشخاص لديهم حساسية مفرطة للأنماط المتكررة أو التفاصيل المعقدة، ما يجعل رؤية الثقوب المتكررة تجربة غير مريحة بصريًا.
من هم الأكثر عرضة للإصابة بفوبيا الثقوب؟
لا توجد قاعدة واضحة تحدد من يمكن أن يصاب، لكن لوحظ أن:
- النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال.
- الأشخاص الذين يعانون من قلق عام أو وسواس قهري قد يكونون أكثر تأثرًا.
- قد تظهر الفوبيا في مرحلة الطفولة أو في أي وقت لاحق بسبب تجربة مؤلمة أو صورة مزعجة.
هل فوبيا الثقوب حالة مرضية؟
رغم أنها لا تُدرج حاليًا في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، فإن العديد من الأطباء النفسيين يعترفون بأنها استجابة فوبيا حقيقية تستحق التعامل الجاد، خاصة إذا كانت تؤثر على حياة الشخص اليومية أو تسبب له ضيقًا متكررًا.
طرق التعامل مع فوبيا الثقوب
1. العلاج المعرفي السلوكي (CBT)
يُعتبر من أنجح العلاجات النفسية للفوبيا. يعمل على تغيير الأفكار المرتبطة بالخوف، وإعادة تشكيل الاستجابة تجاه المثيرات المزعجة.
2. التعرض التدريجي
يتم تعريض الشخص لمثيرات الفوبيا بشكل تدريجي وتحت إشراف متخصص، حتى يُصبح أكثر قدرة على التحمل دون ردود فعل مفرطة.
3. تقنيات الاسترخاء
ممارسة تمارين التنفس، التأمل، أو اليوغا قد تساعد في تقليل الاستجابة الجسدية للقلق الناتج عن رؤية الثقوب.
4. العلاج الفني أو التعبير الإبداعي
في بعض الحالات، قد يجد المصابون راحة في التعبير عن خوفهم من خلال الرسم أو الكتابة، مما يساعد في تخفيف التوتر النفسي.
متى يجب زيارة الطبيب؟
إذا كانت فوبيا الثقوب:
- تسبب ضيقًا شديدًا عند مشاهدة صور معينة.
- تؤثر على عملك أو دراستك أو علاقاتك.
- تسبب أعراضًا جسدية مزعجة أو نوبات هلع.
فمن الأفضل استشارة أخصائي نفسي، للحصول على تقييم دقيق وخطة علاج مناسبة.
خلاصة
فوبيا الثقوب ليست مجرد “خوف غريب” كما يعتقد البعض، بل تجربة نفسية حقيقية قد تسبب انزعاجًا كبيرًا لمن يعاني منها. الوعي بالحالة، واحترام مشاعر من يتأثر بها، والسعي للحصول على دعم نفسي عند الحاجة، يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في تحسين جودة الحياة.
المراجع:
