Uncategorized

ما هو اضطراب التعلق التفاعلي

اضطراب التعلق التفاعلي

يُعد اضطراب التعلق التفاعلي (Reactive Attachment Disorder) من الاضطرابات النفسية النادرة نسبيًا، والتي تظهر في الطفولة المبكرة، وتؤثر بشكل مباشر على قدرة الطفل على تكوين علاقات صحية ومستقرة مع الآخرين، وخصوصًا مع من يتولون رعايته. يرتبط هذا الاضطراب غالبًا بتجارب الإهمال أو سوء المعاملة في السنوات الأولى من الحياة، ويُعتبر من الحالات التي تتطلب تدخّلًا مبكرًا ودعمًا نفسيًا متخصصًا.

ما هو اضطراب التعلق التفاعلي؟

اضطراب التعلّق التفاعلي هو حالة عاطفية ونفسية تظهر لدى الأطفال الذين لم يحظوا بعلاقة آمنة وثابتة مع مقدّم رعاية أساسي (مثل الأم أو الأب أو من يقوم بدورهم). في الحالات الطبيعية، يُكوّن الطفل خلال عامه الأول رابطة آمنة مع من يلبّي احتياجاته الأساسية من طعام، ودفء، وطمأنينة، وحنان. أما في حالة الأطفال المصابين بهذا الاضطراب، فإن هذه الرابطة لا تتطور، مما يؤثر على تطورهم الاجتماعي والعاطفي لاحقًا.

اقرأ أيضًا: مرض الفصام العقلي والزواج

الأسباب المحتملة لاضطراب التعلق التفاعلي

عادة ما يظهر هذا الاضطراب نتيجة إهمال شديد أو سوء معاملة أو حرمان عاطفي في مراحل الطفولة الأولى. ومن أبرز الأسباب المحتملة:

  • الحرمان من الرعاية المستمرة خلال أول عامين من الحياة.
  • كثرة التبديل في مقدمي الرعاية (كما في بعض دور الأيتام).
  • تعرض الطفل للإساءة الجسدية أو العاطفية أو الإهمال المتكرر.
  • غياب الاستجابة المناسبة لبكاء الطفل أو لاحتياجاته العاطفية.
  • بيئات غير مستقرة، مثل البيوت التي تسودها الاضطرابات النفسية أو الإدمان.

الأعراض والعلامات

تبدأ الأعراض في الظهور عادة قبل سن الخامسة، ولكن من الممكن أن تبقى غير مشخصة لسنوات. تشمل العلامات:

1. انعدام الثقة بالآخرين

الطفل لا يُظهر أي رغبة في التقرب من أي شخص، أو لا يشعر بالطمأنينة لوجودهم، ويبدو غير مبالٍ أو منغلقًا.

2. صعوبة في التعبير عن المشاعر

يعاني الطفل من صعوبة في إظهار أو استقبال العواطف بشكل مناسب، مثل الحب أو التعاطف أو الحزن.

3. مقاومة التقرب أو العناق

غالبًا ما يتجنب الأطفال المصابون بهذا الاضطراب الاتصال الجسدي أو العاطفي، وقد يرفضون العناق أو يظهرون عدم الارتياح عند محاولة الاقتراب منهم.

4. سلوكيات غير طبيعية تجاه الغرباء

في بعض الحالات، يتعامل الطفل مع الغرباء بثقة مفرطة وغير مناسبة، بينما في حالات أخرى، يكون منغلقًا تمامًا ويعاني من خوف مفرط.

5. مشاكل في التحكم بالسلوك

مثل نوبات الغضب المفاجئة، العدوانية، الكذب المتكرر، أو تجاهل التعليمات بشكل مقصود.

الفرق بين اضطراب التعلق التفاعلي واضطرابات أخرى

من المهم التمييز بين اضطراب التعلّق التفاعلي وبعض الاضطرابات المشابهة مثل اضطراب طيف التوحد أو اضطرابات القلق، إذ قد تتشابه الأعراض أحيانًا، لكن الأسباب والطرق العلاجية تختلف. لذلك، يعتمد التشخيص الدقيق على ملاحظة السلوكيات في السياق العاطفي والتاريخ الشخصي للطفل.

كيف يتم التشخيص؟

يُشخص اضطراب التعلّق التفاعلي عادة من قبل طبيب نفسي أو أخصائي نفسي للأطفال، عبر تقييم معمّق يشمل:

  • دراسة التاريخ العائلي والبيئة التي نشأ فيها الطفل.
  • ملاحظة التفاعل بين الطفل والطبيب.
  • استخدام أدوات تقييم نفسي وسلوكي معتمدة.
  • استبعاد الاضطرابات الأخرى المشابهة.

العلاج وطرق التدخل

العلاج يتطلب جهدًا متكاملًا بين الطفل، ومقدم الرعاية، وأخصائي الصحة النفسية. ومن أبرز الأساليب المستخدمة:

1. العلاج النفسي للطفل

يشمل العلاج السلوكي والعلاج باللعب، ويساعد الطفل على بناء الثقة، وتعلم طرق صحية للتفاعل مع الآخرين.

2. تدريب الوالدين أو مقدمي الرعاية

يُعد تدريب مقدمي الرعاية عنصرًا أساسيًا، إذ يتعلمون كيفية التعامل مع سلوك الطفل بطريقة تعزز الأمان والدعم دون فرض أو ضغط.

3. بيئة آمنة وثابتة

توفير روتين مستقر، وعلاقات دافئة ومتسقة، يعيد للطفل شعور الأمان تدريجيًا.

4. الدعم النفسي المستمر

من خلال المتابعة الطويلة الأمد، لضمان استمرار تطور الطفل في الاتجاه الصحيح، والتعامل مع أي انتكاسات محتملة.

هل يمكن التعافي من اضطراب التعلق التفاعلي؟

نعم، مع التدخل المبكر والعلاج المناسب، يمكن للأطفال المصابين بهذا الاضطراب أن يحققوا تحسنًا كبيرًا، ويطوروا علاقات صحية لاحقًا في الحياة. كلما بدأ العلاج في وقت أبكر، زادت فرص التكيف الإيجابي وبناء الثقة بالآخرين.

خلاصة

اضطراب التعلّق التفاعلي هو حالة معقدة تؤثر على الطفل عاطفيًا وسلوكيًا واجتماعيًا، وغالبًا ما تكون نتيجة لتجارب صعبة في مراحل مبكرة من الحياة. لكنه ليس حكمًا نهائيًا، بل تحدٍ يمكن تجاوزه بالحب، والرعاية الواعية، والدعم المهني المناسب. الفهم والاحتواء هما أول خطوات الشفاء.

المراجع:

  1. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/reactive-attachment-disorder/symptoms-causes/syc-20352939
  2. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/17904-reactive-attachment-disorder
en_US