هل تعرفت من قبل على أعراض مرض التوحد؟

مرض التوحد

مع ارتفاع معدلات انتشار مرض التوحد، أصبح فهم هذا الاضطراب العصبي أمرًا بالغ الأهمية، حيث أنه يظهر بأشكال متعددة يمكن أن يؤثر بشكل مختلف على حياة المرضى وعائلاتهم. 

في هذا المقال، يلقي الدكتور معن العبكي أخصائي الطب النفسي ومعالجة الإدمان نظرة شاملة على مرض التوحد وأعراضه المميزة والتحديات التي قد يواجهها المصابون بهذا المرض.   

وسنلقي أيضًا الضوء على أهمية التشخيص المبكر وتوفير الدعم المناسب للمرضى وأسرهم.

ما هو مرض التوحد؟

مرض التوحد، المعروف أيضًا باسم اضطراب التوحد، هو اضطراب في النمو العصبي، غالبًا ما يؤثر على التواصل اللفظي وغير اللفظي، وصعوبات في التفاعل الاجتماعي وفهم العواطف والمشاعر، بالإضافة إلى سلوكيات متكررة ومحدودة.

يندرج ضمن مجموعة اضطرابات التطور الطيفية (ASD)، ويظهر عادة في الطفولة المبكرة، ويمكن أن تتراوح شدته من حالة إلى أخرى.

ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يؤثر اضطراب طيف التوحد على حوالي 1 من كل 44 طفلا يبلغون من العمر 8 سنوات.

ما هي أعراض مرض التوحد؟

تتراوح أعراض التوحد من خفيفة إلى شديدة، وغالبًا ما تختلف من شخص لآخر، حيث أن البعض تظهر عليهم الأعراض في مرحلة الطفولة المبكرة.

والبعض الآخر قد ينمو بشكل طبيعي خلال الأشهر أو السنوات القليلة الأولى من عمرهم، لكنهم يصبحون فجأة انطوائيين أو عدوانين أو يفقدون المهارات اللغوية التي قد اكتسبوها بالفعل، حيث أنه عادة ما تظهر العلامات عند عمر عامين.

وبشكل عام تشمل الأعراض والعلامات التي قد تشير إلى الإصابة بمرض التوحد، ما يلي:

  • لا ينظر إليك طفلك عندما تنادي باسمه أو يستجيب بشكل غير متسق.
  • لا يبتسم طفلك على نطاق واسع أو لا يصدر تعبيرات دافئة ومبهجة عند عمر 6 أشهر.
  • لا يثرثر طفلك أو يستخدم الإيماءات عند عمر 12 شهرًا.
  • صعوبات في التفاعل مع الآخرين، وتكوين العلاقات.
  • تأخر أو عدم تطور اللغة لدى الطفل.
  • صعوبة في استخدام وفهم التواصل غير اللفظي، مثل التواصل البصري والإيماءات وتعبيرات الوجه.
  • غالبًا ما يقوم طفلك بترتيب الألعاب أو اللعب بها بنفس الطريقة في كل مرة.
  • يجب أن يتبع طفلك إجراءات معينة أو لديه ردود فعل شديدة تجاه التغييرات الصغيرة في الروتين.
  • النفور الحسي، مثل:
    • كراهية الأصوات العالية.
    • عدم الإعجاب بمدى ملاءمة ملابس معينة أو ملمسها.
    • الانتقائية الشديدة في تناول الطعام.
  • السلوكيات الحركية المتكررة، مثل:
    • رفرفة الذراعين.
    • هز الجسم.
    • تكرار الكلام أو اللعب.
    • النظر من زاوية عينه إلى الأشياء.

ما أسباب مرض التوحد؟

لم يعرف إلى الآن السبب الدقيق لمرض التوحد، ولكن يعتقد أنها تشمل مزيجًا من العوامل الوراثية والبيئية التي قد تسهم في تطور مرض التوحد.

العوامل الوراثية

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن هناك تأثيرًا وراثيًا قويًا يلعب دورًا في تطور مرض التوحد، حيث أنه يتم تحديد عدة جينات مرتبطة بالمرض، ويعتقد أن التغييرات في هذه الجينات قد تزيد من خطر الإصابة بالتوحد.

من الجدير بالذكر أن هذه التغييرات الجينية لا تكون محدودة في جين واحد، بل تشمل شبكة من الجينات التي تؤثر على عملية تطور الدماغ والتفاعلات العصبية. 

وبالتالي، فإن الوراثة تسهم في تحديد عرضة الفرد لمرض التوحد، ولكنها ليست العامل الوحيد، إذ تعمل مع العوامل البيئية الأخرى لتشكيل المخاطر والتطورات.

العوامل البيئية

وتشمل:

  • التعرض للمواد الكيميائية خلال الحمل.
  • التعرض للإجهاد أو الصدمات النفسية.
  • حدوث مشاكل في الولادة.
  • التهابات في الدماغ في فترة الطفولة المبكرة.

على الرغم من أن هذه العوامل تساهم في زيادة الخطر، إلا أنه لا يُعتقد أن أي منها يكون السبب الوحيد للمرض، حيث تعمل جميعها معًا في تشكيل الاحتمالية النهائية للإصابة بمرض التوحد.

العوامل العقلية

تشير النظريات إلى أن هناك اختلالات في التواصل بين الخلايا العصبية في الدماغ، والتي قد تكون مسؤولة عن الظهور المبكر لأعراض مرض التوحد وتأثيرها على تطور الطفل. 

ومع ذلك، لا تزال هذه النظريات تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة لتحديد الدور الدقيق للعوامل العقلية في تطوير المرض.

يجب ملاحظة أن الأبحاث مستمرة لفهم الأسباب الدقيقة لمرض التوحد، ومعظم الحالات تُعتبر نتيجة لتفاعل متعدد العوامل بدلاً من سبب واحد ومحدد.

ما هي عوامل الخطر التي قد تؤدي للإصابة بمرض التوحد؟

تشمل عوامل الخطر المعروفة الحالية لمرض التوحد، ما يلي:

  • الجنس، حيث أن الأطفال الذكور أكثر عرضة للإصابة بحوالي أربع مرات مقارنةً بالإناث.
  • عمر الأم 35 عامًا أو أكثر.
  • استخدام حمض الفالبرويك أو الثاليدومايد من قبل الأم أثناء الولادة.
  • الولادة المبكرة.
  • انخفاض الوزن عند الولادة.
  • وجود أخ مصاب بالتوحد.
  • وجود حالات كروموسومية أو وراثية معينة.

كيف يتم تشخيص مرض التوحد؟

قد يكون من الصعب الحصول على تشخيص لمرض التوحد، ومع ذلك يمكن للطبيب إجراء فحوصات وتقييمات متخصصة.

إليك نظرة عامة عن كيفية تشخيص مرض التوحد:

التقييم السريري

يتضمن التقييم السريري مراقبة سلوك الفرد وتقييم التفاعل الاجتماعي والاتصال اللفظي وغير اللفظي. 

بالإضافة إلى أنه يتم تقييم مجموعة متنوعة من الأعراض المميزة لمرض التوحد، مثل التفاعل الاجتماعي المحدود، والتكرار في السلوك.

المقابلات والاستبيانات

يمكن استخدام مقابلات واستبيانات لتقييم أعراض مرض التوحد وتقييم السلوكيات والمشاكل التي يواجهها الفرد.

بالإضافة إلى أنه يتم تقييم تطور الطفل من خلال مراقبة نمط النمو اللغوي والسلوكيات الاجتماعية.

التقييم الطبي

يتضمن التقييم الطبي لاستبعاد أي أسباب طبية أخرى قد تكون وراء الأعراض التي تشبه مرض التوحد.

كيف يتم علاج مرض التوحد؟

علاج مرض التوحد يتطلب خطة شاملة ومتعددة الجوانب تهدف إلى تحسين الحياة اليومية للفرد المصاب وتعزيز قدراته الاجتماعية. 

إليك بعض الاستراتيجيات الشائعة في علاج مرض التوحد:

العلاج السلوكي التطوري

يعتبر العلاج السلوكي التطوري من أشهر العلاجات لمرض التوحد، حيث يُركز على تعزيز السلوكيات الإيجابية وتقليل السلوكيات السلبية عن طريق تطبيق مجموعة من التقنيات التي تعتمد على المكافآت والعقوبات.

العلاج السلوكي المعرفي

يستخدم لمساعدة الأفراد على  فهم وتغيير الأفكار والمعتقدات السلبية التي قد تؤثر على سلوكه وتواصله، بالإضافة إلى التعامل مع التحديات النفسية والاجتماعية وتحسين الاستجابة للمواقف المحيطة بهم.

العلاج النفسي الإيجابي

يهدف إلى تعزيز التفاعل الاجتماعي وتطوير مهارات الاتصال وتحسين التفاعل بين الفرد المصاب والآخرين.

العلاج الطبيعي

يركز العلاج الطبيعي على تطوير المهارات الحركية والتوازن والتنسيق، مما يساعد في تحسين الحركة والنشاط الجسدي للفرد.

العلاج الدوائي

في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بتناول بعض الأدوية لمعالجة الأعراض المرتبطة بمرض التوحد، مثل القلق أو الاكتئاب.

هل يمكن الشفاء من مرض التوحد؟

غالبًا ما يكون مرض التوحد حالة لمدى الحياة ولا يوجد علاج لها. 

ومع ذلك، قد تصبح الأعراض التي يعاني منها طفلك أكثر اعتدالًا مع تقدمه في السن.

هل تسبب اللقاحات مرض التوحد؟

لقد أثبتت العديد من الدراسات أن اللقاحات لا تسبب مرض التوحد.

مضاعفات مرض التوحد

غالبًا ما يصاحب مرض التوحد مجموعة واسعة من الحالات الجسدية والعقلية، مثل:

  • مشاكل في التغذية.
  • مشاكل في الجهاز الهضمي.
  • اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
  • القلق والاكتئاب.
  • قلة النوم.
  • الصرع.
  • الفصام.
  • اضطراب ثنائي القطب.
  • اضطراب الوسواس القهري.

في الختام، يوضح الدكتور معن أنه على الرغم من أنه لا يوجد علاج شافٍ لمرض التوحد، إلا أن العلاج المبكر والتدخل السليم يمكن أن يساعد في تحسين جودة الحياة للأفراد المصابين به.

المصادر:

  1. Professional, C. C. M. (n.d.-b). Autism spectrum Disorder. Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/8855-autism
  2. Autism spectrum disorder – Symptoms and causes – Mayo Clinic. (2018, January 6). Mayo Clinic. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/autism-spectrum-disorder/symptoms-causes/syc-20352928
  3. Autism spectrum disorder (ASD) | Autism Speaks. (n.d.). Autism Speaks. https://www.autismspeaks.org/what-autism
Tags: No tags

Comments are closed.